أقرت الحكومة اليمنية زيادة سعريه للمشتقات النفطية في السوق اليمنية ، حيث تضاعفت أسعار الديزل ( السولار) والبنزين بالتوازي مع توفر هاتين المادتين في الأسواق بعد شهور من انعدام شبه كلي.

الزيادة السعرية تعني رفع الدعم الحكومي نهائيا عن المشتقات التي يستهلكها اليمنيون (15 مليون برميل سنويا بحسب البيانات الرسمية) ، و سيشتريها اليمني ابتداء من رابع أيام عيد الفطر بالسعر العالمي ،.

تفجير أنابيب النفط الذي تخسر بسببه الخزينة العامة ربع عائداتها تقريبا (12 – 15مليون دولار يوميا ) ، وتراجع الإنتاج المحلي من النفط ، إضافة إلى عجز الحكومة اليمنية عن دفع قيمة الكميات المستورة من المشتقات ، كل ذلك شكل أسبابا مباشرة لإقدام الحكومة على هذه الخطوة بعد تردد طويل ، ورغم أن رفع الدعم عن المشتقات النفطية يمثل محورا مهما في حزمة الإصلاحات الاقتصادية التي ظل البنك الدولي يطلب من الحكومات اليمنية المتعاقبة تنفيذها باعتبار أن معظم الدعم يذهب لجيوب المتنفذين ولا يدعم الفقراء .22

الحكومات اليمنية منذ منتصف التسعينات لم تجرؤ على اتخاذ قرار رفع الدعم بشكل كلي خوفا من إثارة السخط الشعبي الذي عادة ما يؤدي إلى احتجاجات واسعة وحالات شغب في شوارع المدن الرئيسية ، لكن المراقبين يشيرون إلى سبب آخر وأكثر أهمية من الناحية التحليلية ، يتمثل هذا السبب بكون هذا الدعم الذي وصل إلى 22 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية ، يمثل منفذا رئيسيا للفساد وإهدار المال العام في اليمن ، الطاقة وصناعتها هو المجال الأكثر حيوية في الاقتصاد اليمني ، ويتربع على عرش صناعة الطاقة في عدد من القيادات العسكرية والأسر الشخصيات النافذة الذين شكلوا أعمدة نظام صالح طيلة 33 عاما بحسب تقرير صادر عن شتام هاوس.

الحكومة اليمنية الحالية هي حكومة ( توافق وطني ) مشكلة من أحزاب عديدة ومتباينة الرؤى والخيارات ، أوصلها أداؤها الضعيف إلى رفع الدعم كخيار إجباري لحل أزمة العجز المالي الكبير والذي تخطى الحدود الآمنة ، السير المرتبك والخطوات الاقتصادية التائهة عكست نفسها على شكل أزمات متلاحقة في مجال الطاقة والكهرباء والأمن ، وجعل اجمالي الاداء الحكومي مجرد ادارة للأزمات المتلاحقة في غياب استراتيجية حلول شاملة ومحددة الملامح .

يرى الكثير من المواطنين أن الحكومة تحمل نتائج فشلها وعجزها على كاهل المواطن ، فالحكومة برأيهم ان أرادت رفد الخزينة العامة فعليها إيقاف كل إشكال الفساد والإهدار للمال العام كالأعداد الهائلة من الموظفين الوهميين في سجلات الخدمة المدنية ، وعقود شراء الطاقة الكهربائية.

الحكومة اليمنية تعهّدت باتخاذ إجراءات اقتصادية لتخفيف أعباء رفع الدعم عن المشتقات النفطية على الفئات الأشد فقرا ، من خلال تعزيز حالات الرعاية الاجتماعية واستيعاب عدد 250ألف أسرة ، إضافة إلى 1.5مليون أسرة حاليا، كما أكدت مصادر حكومية إطلاق علاوات الموظفين الحكوميين المتوقفة منذ 2012 بقيمة 84 بليون ريال (390.6 مليون دولار) ، إضافة إلى إجراءات تقشفية تشمل موظفي السلطة العليا، لكن هذه التعهدات يتلقاها العديد من المواطنين بالتشكيك في جديتها وجدواها ، ويرون أن الحكومة الراهنة ، التي لم تعد موضع ثقة الكثير منهم ، غير مؤهلة وعاجزة تماما عن القيام بدورها وحماية الاقتصاد الوطني من الانهيار والتدهور .

*الجرعة هي الاسم الذي يطلقه اليمنيون منذ مطلع التسعينات على الزيادات السعرية في اسعار المواد الاساسية ومنها المشتقات النفطية